July 19, 2011

ع القراصية


،اليوم أصبت بالفزع

اكتشفت أنني أعرف الكثير من البشر مؤخراً، ثمانية وستون اسماً أضيفوا على هاتفي المحمول، قابلتهم كلهم خلال الشهرين الماضيين. لا تزال في أذني نصيحة طبيبي النفسي بأن أتواصل مع المزيد من الناس، أخبرني أنني لا أكره الناس كما كنت أعتقد؛ لكنني أخاف منهم. كان الحل ألا أرى من البشر أسوأ ما فيهم، أن أتواصل مع الجانب الممتليء منهم، لكن لا أزال أتخيلهم كجحافل النمل تسترق أفكاري، يقتحمونني، يبنون أعشاشهم داخلي، وفي انتظار الملكة أن تضع بيوضها الجميلة التي ستفقس المزيد والمزيد من النمل

كفاية، لقد ارتكبت الأيام الماضية من المحرمات ما يكفيني أسابيع طوال كي أهضمه، وجوه كثيرة، أحلام كثيرة، تشوهات على تجاعيد الروح لا تظهر إلا بشكل بسمة ساخرة أو اصطباحة مؤرقة أو مكالمة قلقة أو ألم لا تخفيه العيون. المشكلة انني أكترث، أهتم أكثر من اللازم بما يعانيه الناس، أين حاجز معاناتي أنا؟ أين حدودي؟ أين أشيائي؟ أين أشيائي؟


أصبحت ودوداً فجأة مع أناس لم أعرفهم إلا من أسابيع قليلة، رغم أن هذا الشكل من التواصل قد يحتاج مني إلى سنة من المعرفة على الأقل وسنة أخرى من الصداقة. لم أعد بداخل قوقعتي المنيعة التي تضم مجموعة ضيقة من البشر الذين أهتم بهم، بل صارت حياتي مبولة عامة لكل من يلبي نداء الطبيعة، والأسوأ أنه لا يهتم بالشطف من ورائه، مما عبق حياتي برائحة خرائية لم يعد السكوت عنها مقبولاً

أحتاج إلى فسحة من الوقت لأهضم كل شيء، كل الندوات والقعدات والمهرجانات والوجوه التي قابلتها، صرت لطيفاً وابن ناس، أجاهد لإخراس الصوت العدائي بداخلي، أجتهد كي يقبلني الآخرون في أوساطهم، صرت أرتاح في خلع نظارتي لكيلا أرى الوجوه، كي اكتسب القدرة على النظر في أعين الناس دون أن أشعر بالرهبة وأنتكس، صرت أشرب القهوة السادة كاحتجاج ضمني على الانتهاكات التي تمارس علي، لم يعد هذا أسلوباً علاجياً مقبولاً بالمرة يا طبيبي العزيز

كنا في أحلى الفنادق، جرجرونا ع الخنادق، وشكلنا ليس بلائق. قبل ما جيت يا عفريت، كنا نغني ع القراصية، ع القراصية، ع القراصية، ع القراصية

أخبرت صديقي بالأمس، سنذهب إلى الإسكندرية، سنشتري سيجارين هافانيين ، ونجلس على كافتيريا على البحر في كامب شيزار، وأمامنا فنجانين من القهوة الزيادة بالحليب، ستكون الساعة قد تجاوزت منتصف الليل، ولن نفعل شيئاً على الإطلاق سوى تدخين السيجار وشرب القهوة وتأمل البحر، سنظل تمثالين جامدين حتى طلوع الفجر، سنستغل صندوق اللاشيء في أدمغتنا الذكورية ولن نفكر في أي شيء سوى اللاشيء

أحتاج إلى هذه الفسحة من حياتي، أحتاج إلى هذه الإجازة، عذراً لكم، فالحمام سيكون مغلقاً حتى الاثنين القادم من أجل الصيانة الدورية

ملاحظة: نفسي أتفرج على لا تراجع ولا استسلام، للأسف لا توجد عندي نسخة من الفيلم

2 comments:

  1. "صرت أشرب القهوة السادة كاحتجاج ضمني على الانتهاكات "التي تمارس علي

    الكلام عجبني خصوصا الجملة اللي فوق دي

    ReplyDelete
  2. عندي نسخة من الفيلم أجيبهولك :))



    ـــــــــــــــــــــــــــــــ
    * عارف إنه كومنت ملهوش دعوة بأي حاجة :)

    ReplyDelete