July 25, 2011

الفراخ اللي هو الججاج.. ألذ ألذ


كانت (كامب شيزار) محور حياتي الأيام الماضية

وأنا أتمشى مع صديقي بعد منتصف الليل، نبحث عما يسد جوعنا، وجدنا (الصفواني)، طلبنا الدجاج المشوي، يهاتف صديقي من يرتبط بها، بينما أنا أدخن سيجارتي وأتأمل رص رجل المطعم للدجاج النيء على الفحم.

يميل علي صديقي لأخذ الولاعة، لا أسمع إلا جملة (وحياة أمه؟)، يشعل سيجارته ثم يبتعد، أتساءل عن أي سياق يمكن أن يتحدث فيه المرء مع من يرتبط بها عن أم شخص  آخر، وكيف يمكن لأفعال البعض أن تتسبب في إقحام سيرة أمهاتهم في أحاديث الآخرين، هل تسببت أفعالي في ذكر أمي بسوء في معرض ألسنة الآخرين؟ أصابني هذا الخاطر بالتوتر، وأشعلت سيجارة أخرى.

أتأمل الفحم المشتعل، وجلد الفراخ يتحول تدريجياً إلى مزيج من الألوان الذهبية، النارية، والسوداء. فكرت فيما سيحدث لو وضعت يدي على الفحم المشتعل، في البدء ستحترق الطبقة الخارجية للجلد، يتصاعد دخان كثيف بينما النار تنضج لحمي ببطء، ستسيل قطرات من دهني على الفحم مما يسبب في تزايد تكثيف بخار الماء، وصوت التششش الذي سيتردد على الشواية، لابد أن المقابض السوداء ستكبل يدي جيداً عن الحركة وبالتالي السقوط في جذوات الفحم المشتعلة واحتراقها بالكامل، عندما تنضج يدي هل سيبدو هذا منظراً شهياً للبعض، كما تبدو الفراخ لنا؟ أصابني هذا الخاطر بتقلص في معدتي، وأشعلت سيجارة أخرى

تذكرت بعض قبائل (البوتساي) من السكان الأصليين لأستراليا، عندما يموت الجنين هناك خلال الولادة، فإن الأم تأكل جنينها اعتقاداً منها بأنها تستعيد قوتها التي فقدتها خلال فترة الحمل، ظل هذا النشاط حتى أواسط القرن التاسع عشر تقريباً إلى أن جرمته السلطات. ما لم يوضحه أحد، هل كانت الأمهات يأكلن أجنتهن نيئاً، أم أنهن يشوين جثثهم على النار أولاً؟ هل يكتفين بأكلهم كطقس ديني أم أنهن يشتهين طعم الأجنة بالفعل؟ كيف سيبدو منظر الجنين على الفحم المشتعل؟ هل سيبدو شهياً لهن بألوانه الذهبية والنارية والسوداء، أم أن جلود الأجنة عند احتراقها ستفرز لوناً آخر جديداً؟ فجأة كرهت أمي والفراخ وصديقي وكامب شيزار، وأشعلت سيجارة أخرى.

انتهى الرجل من إعداد الدجاج، لف الطعام في كيس، ونقدته الثمن، أنهى صديقي مكالمته، وتأهبنا للعودة إلى المقهى حيث ينتظرنا أصدقاؤنا. لمحتُ عامل نظافة فانعطفت ناحيته، منحته نصيبي من الدجاج المشوي وأنا أبتسم له بود مفاجيء: بالهنا والشفا.

July 19, 2011

ع القراصية


،اليوم أصبت بالفزع

اكتشفت أنني أعرف الكثير من البشر مؤخراً، ثمانية وستون اسماً أضيفوا على هاتفي المحمول، قابلتهم كلهم خلال الشهرين الماضيين. لا تزال في أذني نصيحة طبيبي النفسي بأن أتواصل مع المزيد من الناس، أخبرني أنني لا أكره الناس كما كنت أعتقد؛ لكنني أخاف منهم. كان الحل ألا أرى من البشر أسوأ ما فيهم، أن أتواصل مع الجانب الممتليء منهم، لكن لا أزال أتخيلهم كجحافل النمل تسترق أفكاري، يقتحمونني، يبنون أعشاشهم داخلي، وفي انتظار الملكة أن تضع بيوضها الجميلة التي ستفقس المزيد والمزيد من النمل

كفاية، لقد ارتكبت الأيام الماضية من المحرمات ما يكفيني أسابيع طوال كي أهضمه، وجوه كثيرة، أحلام كثيرة، تشوهات على تجاعيد الروح لا تظهر إلا بشكل بسمة ساخرة أو اصطباحة مؤرقة أو مكالمة قلقة أو ألم لا تخفيه العيون. المشكلة انني أكترث، أهتم أكثر من اللازم بما يعانيه الناس، أين حاجز معاناتي أنا؟ أين حدودي؟ أين أشيائي؟ أين أشيائي؟


أصبحت ودوداً فجأة مع أناس لم أعرفهم إلا من أسابيع قليلة، رغم أن هذا الشكل من التواصل قد يحتاج مني إلى سنة من المعرفة على الأقل وسنة أخرى من الصداقة. لم أعد بداخل قوقعتي المنيعة التي تضم مجموعة ضيقة من البشر الذين أهتم بهم، بل صارت حياتي مبولة عامة لكل من يلبي نداء الطبيعة، والأسوأ أنه لا يهتم بالشطف من ورائه، مما عبق حياتي برائحة خرائية لم يعد السكوت عنها مقبولاً

أحتاج إلى فسحة من الوقت لأهضم كل شيء، كل الندوات والقعدات والمهرجانات والوجوه التي قابلتها، صرت لطيفاً وابن ناس، أجاهد لإخراس الصوت العدائي بداخلي، أجتهد كي يقبلني الآخرون في أوساطهم، صرت أرتاح في خلع نظارتي لكيلا أرى الوجوه، كي اكتسب القدرة على النظر في أعين الناس دون أن أشعر بالرهبة وأنتكس، صرت أشرب القهوة السادة كاحتجاج ضمني على الانتهاكات التي تمارس علي، لم يعد هذا أسلوباً علاجياً مقبولاً بالمرة يا طبيبي العزيز

كنا في أحلى الفنادق، جرجرونا ع الخنادق، وشكلنا ليس بلائق. قبل ما جيت يا عفريت، كنا نغني ع القراصية، ع القراصية، ع القراصية، ع القراصية

أخبرت صديقي بالأمس، سنذهب إلى الإسكندرية، سنشتري سيجارين هافانيين ، ونجلس على كافتيريا على البحر في كامب شيزار، وأمامنا فنجانين من القهوة الزيادة بالحليب، ستكون الساعة قد تجاوزت منتصف الليل، ولن نفعل شيئاً على الإطلاق سوى تدخين السيجار وشرب القهوة وتأمل البحر، سنظل تمثالين جامدين حتى طلوع الفجر، سنستغل صندوق اللاشيء في أدمغتنا الذكورية ولن نفكر في أي شيء سوى اللاشيء

أحتاج إلى هذه الفسحة من حياتي، أحتاج إلى هذه الإجازة، عذراً لكم، فالحمام سيكون مغلقاً حتى الاثنين القادم من أجل الصيانة الدورية

ملاحظة: نفسي أتفرج على لا تراجع ولا استسلام، للأسف لا توجد عندي نسخة من الفيلم

July 17, 2011

قهر الرجال



يجهش صديقك بالبكاء، وأنت عاجز عن فعل أي شيء، يسند رأسه على كتفك وتحتويه بيدك؛ ملمسه هش خاوٍ بينما تلونت عيناه بلمعان بارد منطفيء، وأنت عاجز عن فعل أي شيء، كل الكلمات تبخرت من رأسك، تخرس بينما تستندان إلى الحواجز الصخرية قبالة ميدان عبد المنعم رياض، يبدو التمثال جاثماً على الفضاء بينما تكفلت ضوضاء السيارات بمنح المشهد طابعاً مشوشاً كابوسياً، الوقت تجاوز منتصف الليل وأنت عاجز عن فعل أي شيء، يحاول صديقك الوقوف لكن ساقاه تخذلاه فيقع أرضاً، تهرع لمساندته فتجده يضحك، عيناه تتلونان بنظرات الموتى بينما يبتسم كرباً: ولا يهمك يا بني، بكرة حبقى زي الفل، أنا عايز أروح بس، تساعده للوصول إلى سيارة أجرة بينما ضحكته المؤلمة التي تزيد آلامك تحاصر شفتيه، تعجز حتى عن منحه الابتسامة وتكتفي بمقاومة دموعك أمامه، لماذا أحب صديقك من لا تحبه، لماذا كان هذا قدره؟


تتذكر هانسل وجريتل اللذين دخلا متاهة الغابة مسلحين بفتات الخبز كي يعلّما طريق عودتهما، لكن الطيور تتكالب على الفتات، تأكله، تضيع معالم العودة،  سيظلان في الغابة إلى الأبد حيث لا أمل أن ينقذهما أحد، لماذا لم تريا الطيور أيها الحمقاوين؟ تصل إلى البيت وأنت عاجز عن إيلاج المفتاح في قفل الباب، تخلع ثيابك وأنت عاجز عن ارتداء ملابس النوم،  تنفث سجائرك وأنت عاجز عن إيصال الدخان   المسمم إلى رئتيك، تقرأ وأنت عاجز عن فهم ما يدور حولك، تغمض عينيك وأنت عاجز عن النوم، تتمنى الموت وأنت عاجز عن أن يدركك

July 16, 2011

عشرة أسباب يدفعني أحدها لحبك


عندما أتعرف على الآخرين فإنني أبحث فيهم عن عشرة أشياء؛ يكفي أن تتوفر أحدها فحسب كي نصير أصدقاء، إن كنت تحمل أكثر من خمسة أشياء فأنت صديقي الأنتيخ من الآن حتى لو لم أعرفك قبلاً، وأنتِ فتاة أحلامي التي لم أرها إلا في خيالي، بالطبع يستحيل أن تتوفر الأشياء العشرة في أي أحد آخر، لأنها لا تجتمع إلا في أعظم شخص في العالم، وهو - كحقيقة علمية مثبتة- كما تعلمون (حسام دياب)، أو كما أحب أن أطلق عليه: أنا

والآن مع الأسباب العشرة، أن تكون:

1- من مواليد برج الدلو: الطباع الدلوية هي الطباع الأفضل على الإطلاق، كل من ينتمي لهذا البرج لابد أن يكون حالماً خيالياً مبدعاً رومانسياً، لابد من أن يحمل داخله شرارة الفنان حتى لو لم يكتشفها بعد، ولم يحدث إلى الآن أن تعاملت مع الدلويين إلا وارتحت لهم، بالمناسبة فأنا مثال صارخ لكل ما هو دلويّ سواء بالسلب أو بالإيجاب، أي قصاصة تتضمن صفات للبرج لابد أن يضعوا صورتي بجوارها لأنني تجسيد صارخ لكل متناقضات هذا البرج العظيم

2- من مواليد يناير: يناير النار، يناير النوار، يناير لسعة البرد وانتهاء الامتحانات وبدء الإجازة، يناير معرض الكتاب واللف ليل نهار ومقابلة كل من تراهم من العام إلى العام، يناير الحزن والسحلب والخوف والرجاء، يناير الثورة، كل الأحداث الجللة والمهمة في حياتي حدثت في شهري ديسمبر ويناير. الشهر بالنسبة لي كان يمثل استراحة المحارب لارتباطه بعطلة منتصف العام. يناير بالنسبة لي بهجة لأنني من مواليد هذا الشهر، أبي من مواليد هذا الشهر، أمي من مواليد هذا الشهر، خالتي الكبرى من مواليد الشهر، خالتي الصغرى من مواليد الشهر، اثنين من أعمامي من مواليد الشهر، بالإضافة إلى ثلة لطيفة من أبناء العمومة والخؤولة من مواليد هذا الشهر، يصبح شهراً مجملاً لكل احتفالات أعياد الميلاد في أسرتنا.

بالمناسبة فإن كل ينايرجي لابد أن يحمل من طباع الدلويين، كل الينايرجية حالمين وأولاد ناس، أما لو كان ينايرجي ودلوي في نفس الوقت فقد جمع الحسنيين، وله العتبى حتى يرضى

3- من مواليد العام 1987: هذا العام هو الأعظم في تاريخ الإنسانية منذ ابتكار التقويم الشمسي، ثم متواليات الأرقام التي توحي بالنهاية: سبعة فتمانية فتسعة، عام مجيد بلا شك. المشكلة أن مواليد هذا العام كثيرون جداً، في الولايات المتحدة وحدها ولد ثلاثة ملايين وثمانمائة وتسعين ألف طفل في هذه السنة، لو تخيلنا دول العالم كلها، معنى ذلك أنني مضطر لأن أحب أكثر من ستين مليون شخص ولدوا في هذا العام، لذلك لا أستطيع الاعتماد على هذا السبب كثيراً، لكنه مؤشر قوي لعلاقتي بالآخرين، فأي شخص تشرف بالانتساب ولادةً لهذا العام، سيحظى بفرصة كاملة مني للتعرف عليه أكثر

4- مولوداً لأب وأم لهما جنسيتين مختلفتين: كأن يكون الأب مصرياً والأم إيفوارية مثلاً. لا شك أن اختلاف الجنسيات يؤثر على تنوع ثقافة الطفل بما لا يقاس، تجعله أكثر تقبلاً للاختلافات من حوله، تجعله أكثر رغبة في الاستكشاف والسفر، يشعر بأن له عزوة في بلدان مختلفة، ولعل نقطة القوة الوحيدة التي لعبت دوراً صالحاً في تنشئتي دون أن يكون لي تدخل فيها هي اختلاف الجنسيات بين أبي وأمي، ولهذا فإن أي من مر بنفس ظروفي أشعر بانجذاب شديد ناحة تجربته، كيف مر بها واستفاد بها.

5- من مواليد مدينة أبوظبي: أعظم مدينة في العالم بلا منافس، الأهدأ والأكثر جمالاً على الإطلاق، المدينة التي لعبت فيها الكورة أول مرة، المدينة التي تشاجرت فيها أول مرة، المدينة التي حفرت فيها اسمي على الشجرة لأول مرة - لا يزال النقش موجوداً إلى الآن بالمناسبة- المدينة التي أحببت فيها أول مرة، المدينة التي جرح فيها قلبي أول مرة. ما يزال يخفق قلبي بنفس الحماس كما عبرت أمام سينما الماريا حيث كانت شلتنا تلعب البولينج أسبوعياً، ولا يزال المقعد الذي كنت أدون خواطري عليه أمام كاسر الأمواج، لا تزال الخالدية كئيبة، لا تزال منطقة النادي السياحي مبهجة، ما يزال مذاق شاورما مروش وسميراميس وفلافل زهرة لبنان في فمي حتى الآن

أبوظبي من المدن القلائل التي تشعر بحيويتها، لا تكاد تشعر بأنها مدينة صناعية/ تجارية/ خدمية، مجرد ضاحية هادئة أقرب منها لكونها عاصمة دولة، لكن عندما زرتها آخر مرة أصبت بغم شديد، ازدحمت المدينة الجميلة، تركوا ندوبهم على أرضها، أبراج عملاقة قبيحة وسيارات مكدسة لا تجد متسعاً للركن، لم يعد هناك وجود للمدينة القديمة إلا في ذاكرتي التي لا تخلو من عيب النسيان

6- مستخدماً يدك اليسرى بشكل دائم: دائماً ما كنت أستغرب كلمة أعسر، أجد (أيسر) أكثر منطقية لأنها مشتقة من اليسار، عدد الأيسريين لا يتجاوز من 10 إلى 15 بالمئة من سكان العالم. تروى عن الأيسريين أساطير كثيرة، وإن كانت دراسات علمية جادة أثبتت أن الأيسريين أكثر قدرة على التنظيم والإبداع من غيرهم، بالنسبة لي تعد الكتابة بيدي اليسرى علامة مميزة، لو حدث فيما بعد أن تجسد كائن فضائي في هيئتي ستكشفونه في النهاية لأنه يكتب بيده اليمنى بينما حسام لا يستخدم إلا يسراه.

7- من مشجعي الزمالك: لا مناص من الاعتراف بأن عائلتي كلها أهلاوية وأنني المنشق الزملكاوي الوحيد. أعتقد أن حبي للزمالك راجع إلى القضية نفسها: الفريق الثاني الذي يسعى طوال الوقت لأن يحرز هدفه. لا متعة أن أشجع بطلاً يحافظ على قمته بل إن المتعة في تشجيع فريق يسعى للوصول إلى هذه القمة. لمن شاهد فيلم (كول راننج) مثلاً، سيتعاطف مع الفريق الجامايكي في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية مونتريال 1987، الفريق المستضعف له جاذبيته دوماً.

8- من محبي عمرو دياب: وهو الهوس الجنوني إلى درجة أن تجد ما يعبر عن أي حالة من حالاتك في أغنية من أغانيه. أنا عمراوي بالوراثة وبحكم النشأة، لكن عمرو ترك بصمته معي أيضاً: ألبوم أكتر واحد بيحبك كان أول ألبوم أشتريه من مصروفي، أما عند صدور ألبوم علم قلبي فقد بدأت قصة حبي الأسطورية التي ستعلّم على قلبي لمدة أربع سنين متواصلة. في صيف 2004 تضمن ألبوم (ليلي نهاري) الأغنية التي لا يمكن أن أنام دون الاستماع إليها (وحشتيني)، خاصة بعد أن قام الموهوب مروان أنور بعمل كوفر عظيم لها مستخدماً الكمان والبيانو، أما ديسمبر 2005 فينزل ألبوم (كمل كلامك) الذي لم أبدأ في الإعجاب بأغانيه إلا مؤخراً. في صيف 2007 نزل ألبوم الليلادي بينما قصة الحب الأسطورية الثانية بدأت بالنهوض، وصيف 2009 شهد ألبوم (وياه) تغيراً عميقاً في عاداتي الاستماعية، إذ رفضت الاستماع إليه فور نزوله، وصممت على السفر إلى الإسكندرية كي أسمعه للمرة الأولى مع يوسف محيي الدين، وهو الألبوم الذي اتفقنا جميعاً أنه لم يحوِ غلطة واحدة، وإلى الآن كلما اشتغلت أغنية عيني وأنا شايفه أتذكر طريقة رقصنا المضحكة على أنغام الأغنية البهيجة ذات الكلمات السطحية.

محتاج تدوينة تانية عشان علاقتي مع عمرو، المهم إن الراجل ده برنس البرانيس بالنسبالي :)

9- من عشاق روايات مصرية للجيب: ومش قصدي إنك تكون عديت عليها في مرحلة تسالي الصيف، بل هي عمود رئيسي في حياتك الفكرية، مينفعش مثلاً متعرفش تخصص ماجي ماكيلوب كان إيه، أو سيرجي كوربوف قابل أدهم صبري كام مرة قبل كده، أو لا تتفق إن أسطورتي آخر الليل والجاثوم من العلامات الفارقة في أدب الرعب العربي، أقسم بالله أن واحدة من أسعد لحظات حياتي إلى الآن، لما باروح أجيب الأعداد الجديدة، طبعاً مش بنفس بهجة زمان وأنا عمري سبع سنين، لكن برضه نوستالجيا، واللحظة الأجمل لما أشم ريحة الورق وأنا بفتح الكتاب لأول مرة، طبعاً الروايات ستقودني إلى المنتدى، وهو يعتبر تقريباً حجر أساس لكل علاقاتي بأصدقائي داخل مصر، يعني الروايات دي كان لها التأثير الاجتماعي على حياتي إلى الآن

10- ممن يعتبرون أن الشيتوس أعظم اختراع توصلت له البشرية بعد الطباعة: كل قرار مهم أخذته في حياتي كان لابد للشيتوس أن يكون منطلقاً له. المشكلة أن الشيتوس الأصلي اختفى فالآن إما ميني شيتوس أو شيتوس كرانشي أو شيتوس بالشطة أو بالنكهات السخيفة الأخرى. عندما رأيت حبيبتي الأولى كانت سارحة في الملكوت وفي حضنها كيس شيتوس حجم عائلي لا يتناسب مع ضآلتها، ومع ذلك استطاعت التهام الكيس بأكمله، وإلى الآن فإن أكثر منظر جذاب يمكن أن تقع عليه عيناي هو منظر فتاة ملتهمة للشيتوس، منذ عدة سنوات على كورنيش اسكندرية رأيت ما جعلني أخر على الأرض صعقاً: فتاة رقيقة يعابث الهواء شعرها بينما تستمع إلى الإم بي ثري وتلتهم الشيتوس، كان هذا أرق مشهد يمكن تتخبط به دمائك داخل أوعيتك الدموية، حاولت أن أذهب لأكلمها بينما يسحلني أصدقائي على رصيف الكورنيش مبتعدين بي، ظللت يومها عليل الهوى معتل الأنفس، الأنثى والشيتوس اتحاد لجاذبية مطلقة لا يمكن سوى أن أنحني لها سجداً

********
كما اتفقنا، يكفي أن يتوفر سبب واحد فيك كي أحبك، أما لو لم تجد شيئاً، فعذراً يا صاحبي لا يمكننا أن نتفق، لأنني لا أتحدث إلا في موضوع من الموضوعات العشرة السابقة، وبالتالي لن نجد شيئاً نتحدث عنه.

July 10, 2011

إزاي تتهجموا ع الناس كده في بيوتشي الدعارة ؟


البارحة هو يوم المسخرة

صديقتنا أرادت أن تعزمنا على أكل بيتوتي من صنع يدها؛ لسبب غريب لا تذكره، وهكذا وجدت نفسي وصديقي شادي نستقبلهاعلى محطة المترو كي نحمل الأكل معها، كان الحجم مخيباً للآمال: صينية متوسطة الحجم لمكرونة بشاميل، طبق بلاستيكي يضم قطعاً من الدجاج، وطبق بطاطس بالمايونيز. كان مسار الأحداث في عقولنا المفجوعة يوحي بأننا سنكمل وجبتنا عند القزاز، خاصة وقد جوّعت نفسي في انتظار
مخاض طبيخ لم يأتِ بالحجم المناسب

ظننت أنها ستكون حركة لطيفة لو اشتريت لصديقتنا هدية ببسيطة: لعبة على شكل كلب بني ينبح، وله عينان فسفوريتان شريرتان. شكرتني صديقتنا على هذه الهدية كنوع من المجاملات الاجتماعية كما أعتقد، بينما لم أمنع نفسي من التفكير حول أي مقلب زبالة سينتهي مصير هذا الكلب البني الشرير

شادي يستمع إلى الاختراع الفرنسي اللطيف اللي اسمها زاز من آي فون صديقتنا، لا  ينس أن يغني لنا أحدث ما استمع إليه في الميكروباص:  حكسر كل حتة سليمة، حسيبك وأنا عندي عزيمة، حاخلي بجد ملكش قيمة، وأشيلك من جوه وريدي، كان الشرخ الوسوفي في صوت شادي يبدو ملائماً عليه كالرابط العجيب بتاع سبيس تون

تحدث في محطة مترو التحرير أمور خطيرة: اختفيت فجأة بالطعام الذي أحمله واتصلت بشادي: الأكل ده مش حتشوفوه تاني لو محدش بعت لي عشرين جنيه على صندوق التوفير بتاعي. شادي لم يبد مبالياً، صديقتنا لا تهتم. لعلي لم أبدُ خطراً كما يجب، شعرت فجأة بدوار الجوع ، كأني قط شوارع. وضعت الإيشارب الذي أعطته لنا صديقتنا للوقاية من سخونة الطعام كوشاح لطيف حول عنقي، نتمشى إلى مقهى زهرة البستان، لم يصل بقيتنا بعد، نتمشى إلى محل أبو أي حاجة باتنين جنيه ونص، نشتري بعض الأطباق والشوك البلاستيكية بالإضافة إلى سكين مطبخ ومغرفة، نعود مجدداً إلى مقهى زهرة البستان، لم يصل بقيتنا بعد

عندما ذهبت إلى شراء عبوات المياه الغازية وعدت، كان البقية قد وصلوا وعلى وشك التهام الطعام. كانت صديقتنا عاجزة تماماً عن منع شادي من ارتكاب الكارثة المحققة والتهام الطعام بأكمله، لكن صديقتنا الثانية أمسكت بسكين المطبخ وشوّحت به في وجهه مما دفعه إلى التراجع، اكتفى بالتهام ثلاث قطع دجاج. بالطبع كنت أفكر ماذا سيحدث لو اندفعت السكين إلى رقبته: مظاهر الذعر على وجوه من حولي، بينما الدم المنبثق من الرقبة المذبوحة يغرق كل شيء. لم أستطع بالطبع مشاطرة الجميع في هذه   الأفكار البهيجة؛ 
لأن العرف المجتمعي يقضي بألا تأتي سيرة الدم أثناء طقوس تناول الطعام 

كان التنظيم كافياً كي تحل البركة بالطعام، أنا لم أتناول الكثير ومع ذلك شعرت بالشبع بل وفاض من الطعام ما يكفي اثنين. قمت كأي قرد مدرب بدور جنية المطبخ الطيبة، وفي حوض صغير ملحق بالمقهى غسلت الصينية وطبق البطاطس بالمايونيز بما تيسر لي من المناديل المبللة والجافة. كنت أمقت الفوضى، وأعرف مدى المعاناة لو ظل الزنخ ملتصقاً بالأواني حتى غسلها فعلياً في بيت صاحبة الطعام



كان الأمر فوضوياً إلى درجة تدفعك إلى السلام النفسي، قهوة سادة وسيجارة كليوباترا، فقط كانت أمنيتي أن أغمض عينيّ وأنام. تخيلت فجأة لو أني مت في جلستي هذه، تعبيرات القلق على الوجوه، بعض البكاء، محاولات الإنعاش، لا فائدة، لقد رحل، ثم تخيلت أين سأدفن، وكيف ستكون مظاهر الجنازة، من سيحضر، كيف سأشعر بعد الموت، كل ما كنت أرغب به في جنازتي أن تعزف موسيقى القداس الجنائزي (ريكويم) لموتسارت، لم أستطع بالطبع مشاطرة الجميع في هذه الأفكار البهيجة؛ لأن العرف المجتمعي يقضي بألا تأتي سيرة الموت أثناء طقوس مداولات المزحة

تأتي الصديقة الثالثة متأخرة، تتناول نصيبها من الطعام، ويفيض منها ، نستمع منها إلى الرسالة الصوتية التي سجلها شادي على بريد هاتفها الصوتي، كان يعتقد أن الرسالة المسجلة هي اشتغالة منها، فسجل رسالة هي قطعة من المسخرة الفاخرة التي لا يمكن وصفها، كان المزاح متبادلاً والأصوات مرتفعة وأنا أشعر بالسلام النفسي، حتى خرجت - لا أدري حتى الآن من أي سياق حديث- جملة محمد هنيدي الشهيرة: إزاي تتهجموا ع الناس كده في بيوتشي الدعارة؟ أصبح طقس الضحك هيستيرياً، وازدادت رغبتي الصادقة في النوم

رحلت في البداية المشوّحة بالسكين، تبعتها بعد فترة صاحبة الطعام والصديقة الثالثة. ظل الأولاد فقط، هنا أخذت السهرة طابعاً أكثر غرابة، إذ صمم شادي أن يفتح كل التاريخ السري الأسود للشلة أمام صديق يراه للمرة الأولى، كانت تعابير الاشمئزاز ترتسم على وجهه في البداية، ثم بدأ الذهول، فالتفهم، فالضحك. ولا أعتقد أننا سنراه في مرات قادمة. أعتقد أنه تمنى مخلصاً أن تكون له صفة تشريحية مختلفة عنا لكيلا نشاطره هذه الأفكار غير البهيجة بالمرة التي تضمنت: الشذوذ الجنسي، نظرية السيت كوم الخاصة بالشلة، نظرية أعظم شخص في العالم الخاصة بي، ألاعيب الطفولة بيني وبين شادي، ارتشفت فنجانين مضاعفين من القهوة السادة وما أزال أشعر بالرغبة الصادقة في النوم

رحلت لأجد أبي نائماً حانقاً علي لأنه على وشك السفر بينما أتسكع أنا مع أصدقائي. اختفى كل الدوار اللطيف والخدر المسكر ليوم بدا بهيجاً، نمت بثيابي دون أن ألقي نظرة على عوالم موراكامي، كان النوم متقطعاً، لكن الأحلام بدت للغرابة بهيجة حقاً: صديقتنا المشوحة بالسكين تذبحني، أنزف، أشعر بآلام فظيعة في رقبتي، أبي يرفض عزف موسيقى القداس الجنائزي أمام مدفني لأن المعازف حرام، تنتهي جثتي في مقلب زبالة بينما الكلب البني الشرير يلتهم أطرافي

July 8, 2011

The Most Beautiful Girl in The World..!


عندما كنت في دبي، تعرفت على صديقة مغربية خلال زيارتي لمكتبة (كينوكونيا)، وعندما تكون في مدينة كبيرة لوحدك، يصيبك الزكام التواصلي بالعدوى؛ تصبح فجأة ودوداً مع البشر راغباً في الصداقة معهم

في المرة الثانية التي تقابلنا فيها في أحد الكافيهات، جلبت معها أختها (فطوم). لم أرَ في حياتي أجمل من (فطوم): كائن أسطوري ملائكي يرتدي تنورة زرقاء قصيرة وبلوزة بيضاء بلا أكمام. لا أعتقد أن التقاسيم المليحة للوجه، أو الشعر الكستنائي المعقوص جيداً، أو القوام الكميل هو ما يجذبك لتلك المرأة. هناك براءة في عينيها وابتسامة على ثغرها، تجعلك تسترجع ذكرى آيس كريم (كيمو أنتيمو)، وصلاة العيد، وأول هدف أحرزته في مباراة كرة قدم مع زملائك، وفوازير نيللي وشريهان، وجازورا وبومبو وصاحب الظل الطويل. كانت الابتسامة تشعرك بأنك حيوان لمجرد أنك تحتل الحيز الفيزيائي  مع كائن ملائكي لهذه الدرجة.



لفت نظري أنها تمارس حركات طفولية: تلعب بأكياس السكر، تتقافز على الأريكة، تمسك بدفاتر التلوين المخصصة في منطقة الأطفال وتخربش عليها. ظننت في البداية أن هذا أمر طبيعي، لأن الفتيات الآن بحكم القانون غير المكتوب لابد أن يتظاهرن بالطفولة لسبب عجيب لا أدريه: لابد من الدباديب، ملصقات الأنيمي الغبية على الموبايلات، عدة صور لهن وهن في وضع القطيطة الشهير. ربما كانت (فطوم) تبالغ في هامش الطفولة الذي يكفله لها المجتمع، هذا ما كنت أظنه.


لكن صديقتي تعامل أختها فعلاً كما الأطفال: تجلب لها ميلك شيلك، تضع فوطة على جيدها، تنهرها عن سكب مشروبها على الأرض. تعتذر لي صديقتي عن الإزعاج الذي سببته (فطوم) لكنها مضطرة لتحملها لغياب المربية التي ترعاها. هاه؟ لم أفهم جيداً. 


كانت (فطوم) حالة استثنائية بالغة الندرة، لديها تأخر شديد في إدراك الحقائق حولها بالإضافة إلى عدم قدرتها على تخزين وربط المعلومات بعضها ببعض، مما أثر على مشاعرها أيضاً. باختصار نحن ننظر إلى طفلة في التاسعة من عمرها محشورة في جسد امرأة في الثانية والعشرين.


والأسوأ أن الحالة تتفاقم تدهوراً. في سن الخامسة والثلاثين لن تكون (فطوم) قد تجاوز عقلها مستوى عقل مراهقة في الخامسة عشر في عمرها. وفي أوائل الخمسينيات من عمرها ستكون بالكاد قد تخطت قلاقل مرحلة المراهقة. وفي أسوأ السيناريوهات تشاؤماً سيصبح عقلها عاجزاً عن إدراك علاقات الحقائق من حولها بشكل شبه تام، مما يعني أنها قد تظل في سن معينة (السادسة عشر مثلاً) إلى الأبد.

لم تكن (فطوم) مثالاً للجمال الأنثوي كما توهمت، كانت تنتمي إلى ذلك العالم الصغير المدفون في أقصى عقولنا، الذي ظل يتضاءل ويتضاءل كلما كبرنا، ومهما حاولنا التشبث في أطلاله، لابد من انتعاشة واقعية: (مرض، وفاة، طلاق، ألم، إلخ..) تميت جزءاً من قلبك وتجعلك بشكل ما أكثر نضجاً.


ذهبت بصديقتي و(فطوم) إلى (تويز آر أس)، ابتعت لفطوم لعبة قطنية على شكل تمساح صغير ملون فرحت بها كثيراً، لم أنس أن أشترى لها بالوناً وكيس حلوى مقرمشة بدأت في التهامه فورياً، كانت بالغة السعادة، وكان وجهها يشرق فيجعلني أتمنى فقط أن أموت في تلك اللحظة: راضياً عن نفسي.

نسيت فطوم، حتى قابلتها صدفة البارحة في أحد أحلامي العابرة التي لا أفهم منها شيئاً، كنا على مقهى زهرة البستان، وكانت تثرثر معي عن (الوميض الأزرق)، و(كوكي)، و(مولان). لم أدرك أنه حلم حتى بدأت تحدثني عن انطباعاتها على رواية (كافكا على الشاطيء). الغريب أنني عندما استيقظت، وجدتها على باب حجرتي ترمقني بنفس الابتسامة الحنينية. للحظة اعتقدت أني في حلم آخر، أو بقايا الحلم الجميل يرافقني في أوهام واقعية، لكنها ظلت موجودة أكثر من دقيقتين. تتبعتها حتى وجدتها تدخل باب الحمام، دخلت وراءها وأضأت النور. اختفت فورياً.



جلست على حافة البانيو أضع يدي على رأسي، أتساءل أين ذهبت فطوم، أتساءل عن مخططات الله حول احتمالية أن ألتقي بها مجدداً في حياة أخرى.

نظرت إلى المرآة بعيون محمرة. علي الآن أن أستعد ليوم جديد لن يجعلني في الغالب راضياً عن نفسي.




The Corpse Wedding.. Yapeeeee !


كتبتُ وأنا مراهق قصة عنوانها مبتذل: "حجر في بركة الدم المتخثر". حالياً، لا يبدو العنوان لي بهذه السذاجة، حالياً أشعر بأن البانيو ممتليء بالدم المتخثر ذات اللزوجة العالية والكثافة القليلة؛ أي تغوص ببطء شديد، كأنه كائن هلامي يبتلعك، وكلما نزلت فيه يصعب فرارك، حتى يضيق تنفسك، وتشعر بأن أطرافك واهنة تماماً أمام هذا الانسحاق غير المعتاد في مواجهة غرور تعتقد أنه الدرع الأفضل لحمايتك من الكائنات سليلة القردة العليا.. البشر



*******


قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا
قرآن - نص مقدس عند المسلمين

********
قد يكون مزاجك المتقلب: موروثات برجك الدلوي التي فشلت في التخلص منها، هو السبب فيما تشعر به الآن، لكن هناك ما يستقر من بقايا قعر قلبك يحدثك بأن الأمور انتهت إلى حيث ما يجب أن تفضي إليه، تشعر براحة الاستسلام واسترخاء الموتى: لا حركة بعد اليوم، وهذا أفضل بكثير، لأن تحدي عجلة الجاذبية الأرضية يفضي إلى الهاوية: حقيقة علمية

********

"في هذا اليوم سيكتمل تحولك إلى مسخ كلي القدرة، ترى بعيون الموتى ما يعجز الموتى والأحياء عن رؤيته، في هذا اليوم لن تعود إلهاً، لن تعود بشراً، فالإله يرحم والإنسان يقسو، أما أنت فستفعل ما يحلو لك".

كونشينزو ساسيكي -  مسوخ لا ترى العجائز

********

اليوم ستضاف جثة جديدة إلى الجثث اللطيفة المتناثرة في حجرتك، جثة باسمة ذات ثغر واسع، ستنظر إليها بتعزية وأنت تقرأ الإغواء الأخير للمسيح، أو تستمع إلى لحن شوبان الجنائزي، أو تنام نوماً تتمنى فيه يائساً أن تجد حياة مختلفة وإلا فلمَ الاستيقاظ أصلاً ؟

يلا روح اتنيل نام ! 






July 7, 2011

I See Dead People..!



عندي صديقة بتقسم الناس لنوعين: نوع حيطلع ميتين أهلها، وساعتها يستحسن تهرب من قدامها قبل ما تطلع ميتين أهلك انت شخصياً، ونوع مش حيطلع ميتين أهلها، وساعتها انت ضمنت النجاة لأنك من القلة المختارة التي لن يتعرض ميتين أهلها لقلقلة من نومهم العميق

في وسط جيش الزومبي اللي هي معيشاني فيه، أحياناً بسأل نفسي: وهو إيه علاقة الميتين بالموضوع، دول عاشوا وتعبوا وشقيوا، وحان وقت رقادهم، ليه نزعجهم بمشاكلنا الهايفة زي إن واحد خنق عليك، أو واحد قارفك في عيشتك، وكإنك لما تطلعهم حيقفوا يرقبوا في صمت الخناقة الدايرة بينك وبين اللي عايز يطلع ميتين أهلك، قبل ما يسألوا: خلاص خلصتوا يا رجالة؟ ينفع نرجع نرتاح تاني؟

وبعد كده السؤال المنطقي العميق: انت طلعت ميتين أهلي، دي حاجة تحسب عليك مش علي، لأن ساعتها أهلي الميتين حيقفوا معايا ضدك، ومش بعيد تبقى عركة ميتافيزيقية ، وفي الآخر دماغك انت اللي حتدشدش  على وقع أيدي الموتى الباردة، يبقى تطلعهم ليه من الأول؟

هل يمكن أن تكون لفظ ميتين في الأصل استعارة ابستمولوجية للفظة أخرى تم تحويرها: يعني الموضوع بدأ بالدين، حطلع دين أهلك، وبعد كده فكروا ولقوا إن ده ممكن يندرج تحت إطار سب الدين، فقالوا ننقل على لفظ مخفف فبقت ميتين، والتفكير اللي  ممكن يخطر في بالك، مش الميتين حاجة مقدسة زي الدين برضه؟ دي حتى قداستهم من الدين ذاته، لأنه لولا الدين كانت بقت جثث متعفنة تحللت تحت الأرض، ولا كنا حنفكر في بعث ولا حساب ولا غيره؟ ليه مخطرش تعبير ألطف زي حطلع تنين   أهلك مثلاً؟ وليه الاستخدام التطبيقي للفظ التنانين قاصر على المبالغة؟ ليه منوسعوش في الشتائم ؟

خطرت الأسئلة دي في بالي بمناسبة الجثة اللطيفة اللي قاعدة جنبي بتدخن، المشكلة مش في تواجدها الفيزيائي كجرم يحتل حيزاً من الفراغ، بل في الريحة التي لا تطاق، ثواني حروح أجيب معطر جو على الله ينفع